عدد المساهمـات : 19الجنس : تاريخ التسجيل : 27/02/2011
موضوع: غريبه هي الحياة!! الأربعاء مارس 02, 2011 4:36 pm
في الطائرة الأثيوبية التي وقعت قبالة السواحل اللبنانية بعد إقلاعها بقليل منذ شهر تقريباً، كانت هناك حقائب تخص شخصا ما، لبناني الأصل، أميركي الجنسية ، جاء من الساحل البعيد ليسلم على والدته في بيروت، ويقبل يديها بركة وخيراً، ثم يتجه إلى كينيا حيث يرعى بيتاً صغيراً للأيتام، كان في نيته أن يزوره كعادته السنوية، ويطمح أن يكبّر البيت بعد ما كبر الأطفال الأيتام
.
اختار طريقه إلى كينيا عبر أديس أبابا، عد العدة وحزم حقائبه وقطع تذكرته على الطائرة الحبشية، غير أن الأقدار عطّلت بعض مشاريعه،
وقرر أن يسافر إلى الصين فجأة لأيام معدودة، ومن ثم يعود ليأخذ رحلة الطائرة الأثيوبية،
طلب من موظفيه أن يشحنوا حقائبه والمعدات الطبية والغذائية التي يزود بها بيت الأيتام على نفس الرحلة، بقي في الصين لكن أشياء كثيرة بطّأت مهمته
، ظل يسب البيروقراطية، وتلكؤ الموظفين، الذي أربك برنامجه المعد والمنظم بدقة، ثم احتسب الأمر، بعد أن حسب خسارة الوقت والمال والجهد!
في صباح بكين الباكر، فتح على محطة الـ”سي.إن.إن” وشاهد نعي الطائرة التي تحولت إلى كتلة لهب قبل أن تسقط في البحر، أول شيء عمله،
أن جلس على الكنبة الجلدية لا يريد أن يقول كلمة،
ولا يسمع كلمة، كان محتاجاً للصمت والصمت الأبدي، ليعيد فيها توازنه، ويعرف أين تقف قدمه، ثم تلى ما يحمل صدر المؤمن من نصوص مقدسة، كان يريد شكر الإله فقط، بأي كلمات، وإن لم تسعفه الكلمات استدعى الدموع،
هي طريقة بعض الناس في ترجمة الشكر!
في تلك الطائرة المنكوبة، فقط ضاعت الحقائب المشحونة، في حين بقي هو حياً يرزق، ولا يدري.. كم كانت قبلاته على يدي أمه خيراً وبركة
، أم هو العمر الذي لا يدري الإنسان متى ينقضي، كورقة خضراء تبقى متعلقة حتى تهيف،
ربما بيت الأيتام لم يكتمل، ومحتاج من يكبّره، ربما هناك متسع من الوقت لينضم لهذا البيت أيتام آخرون،
وقادر هو بما رزقه الكريم الجواد أن يهتم بهم ويوسع لهم ويمنحهم الحياة التي تليق بالإنسان،
ربما لأن رقاباً كثيرة معلقة بعمره، ولا يجب أن ينتهي في ذلك اليوم!
ثمة حكمة في الحياة دوماً.. ثم سر في العلائق المتشابكة بين الحياة والموت، بين اليوم وغداً، بين حاضر من بعيد ليلقى حتفه، وذاهب إلى بعيد نجا بنفسه، هل لفعل الخير هذا الأثر الكبير في تجنيب المصائب، ومداراة الشر؟
، هل دمعة اليتيم، وشكر اليتيم، ودعاء اليتيم لها منزلة في عرش السماء؟، تلك قصة حقيقية لشخص كان يعمل الخير، ولا يعرف عنه أحد، وأتى من بعيد ليوسع للأيتام بيتهم، ويطعمهم ويكسوهم من كرم الرب !